جرائم الحرب المنسية - معاناة المرأة في زمن الحروب
• دراسة تحليلية لآثار النزاعات المسلحة على النساء.
الصحفي أحمد حاميش
الحروب والنزاعات تعد من أكبر الكوارث التي تترك آثاراً عميقة على المجتمعات، لكن النساء غالباً ما يعانين بطرق تُبرز هشاشة أوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
ـ العنف الجسدي والنفسي:
يُعد العنف الجنسي والجسدي من أبرز الأزمات التي تواجهها النساء أثناء الحروب. يُستخدم العنف الجنسي في كثير من الأحيان كأداة للإذلال والسيطرة، ووثقت تقارير عديدة استخدامه كسلاح حربي في نزاعات متعددة، مما يترك آثاراً جسدية ونفسية مدمرة على الناجيات.
- الأعباء الاقتصادية والاجتماعية:
تتضاعف الأعباء الاقتصادية على النساء في أوقات الحروب نتيجة فقدان المعيل الأساسي، إذ يُجبرن على إعالة أسرهن في ظروف اقتصادية قاسية، وعلى سبيل المثال، في النزاعات الأفريقية في ليبيا والسودان وأيضاً في سورية وفلسطين، زادت نسبة النساء اللواتي أصبحن المعيلات الوحيدات، مما جعلهن عرضة للفقر والاستغلال.
- تأثير النزوح واللجوء:
النزوح واللجوء يضاعفان من معاناة النساء، وفي المخيمات تواجه النساء نقص الحماية وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن النساء في هذه الظروف يواجهن مخاطر أعلى من الرجال، مثل التحرش أو الاستغلال.
- الآثار النفسية طويلة الأمد:
تستمر الآثار النفسية للحروب لفترات طويلة بعد انتهائها. تعاني النساء من الصدمات النفسية، الاكتئاب، وفقدان الأحباء، مما يتطلب برامج دعم نفسي مكثفة لمساعدتهن على التعافي.
• معاناة معتقلات الرأي: تحديات أثناء الاعتقال وبعد الإفراج:
- المعاناة النفسية والجسدية أثناء الاعتقال:
تشكل الظروف القاسية في المعتقلات معاناة كبيرة للنساء، بما في ذلك التعذيب، وسوء التغذية، والحرمان من الرعاية الصحية، ويتم استهدافهن نفسياً أيضاً من خلال العزلة والتهديد بإيذاء أفراد الأسرة، ووفقاً لتقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، هناك 9774 امرأة ما زلن قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، منهن 8096 مغيبات في معتقلات النظام، وتعكس هذه الإحصائيات حجم المعاناة الذي تواجهه النساء داخل المعتقلات.
- التحديات الاجتماعية والنفسية بعد الإفراج:
وتواجه السيدات المعتقلات بعد الإفراج صعوبات في الاندماج بالمجتمع، حيث تعيق النظرة السلبية ووصمة الاعتقال حصولهن على فرص عمل واستعادة حياتهن الطبيعية، كما تؤثر التجربة على نفسياتهن بشكل عميق.
- أثر الاعتقال على الحياة الشخصية والعائلية:
تتأثر الحياة العائلية بشكل كبير، حيث تواجه المعتقلات وأسرهن تمييزاً وضغوطاً مجتمعية، ما يفاقم من الصعوبات التي تعيق استعادة حياة مستقرة بعد الخروج من المعتقل.
- دور الدعم النفسي والاجتماعي:
تظهر أهمية تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمعتقلات لضمان تعافيهن وإعادة اندماجهن في المجتمع، وتلعب منظمات المجتمع المدني دوراً حيوياً في تقديم هذا الدعم وإعادة تأهيلهن.
• اغتصاب النساء المعتقلات: جريمة صامتة وآثار طويلة الأمد:
- الآثار النفسية والصحية المباشرة:
تُعد جرائم الاغتصاب في المعتقلات من أبشع أشكال الانتهاكات، وتعاني الناجيات من اضطرابات نفسية، مثل القلق واضطراب ما بعد الصدمة، إلى جانب المشكلات الصحية كالأمراض المنقولة جنسياً.
- التبعات الاجتماعية وصعوبة إعادة الاندماج:
تُواجه الناجيات وصمة اجتماعية قاسية تُعيق اندماجهن في المجتمع، وأحياناً تُلقى عليهن اللوم بدلاً من تقديم الدعم، مما يدفع العديد منهن إلى العزلة.
- الحاجة إلى الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني:
توفير الدعم النفسي والاجتماعي ضرورة لمساعدة الناجيات على تجاوز الصدمة، كما ينبغي تعزيز التشريعات لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وضمان العدالة للضحايا.
• الخلاصة:
إن تسليط الضوء على معاناة النساء في زمن الحروب وفي المعتقلات يُبرز ضرورة توفير الدعم والحماية لهذه الفئة، فالمرأة ليست فقط ضحية، بل هي أيضاً ركيزة أساسية لإعادة بناء المجتمعات، لذا فإن إدراك المجتمع لحجم هذه المعاناة والعمل على دعم النساء المتضررات من الحروب والاعتقالات يُعد خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة والمساواة وبناء مجتمعات أكثر استقراراً.