كوارث الحروب البيئية، وآثارها في سوريا وغزة واليمن والسودان
أحمد حاميش
لم تقتصر آثار الحروب في سوريا وغزة والسودان واليمن على البنية البشرية والاجتماعية فقط، بل امتدت لتحدث كوارث بيئية قد تستغرق عقوداً للتعافي منها، بين تلوث الهواء والمياه، وتدهور الأراضي الزراعية، ودمار الغابات، وتزداد المخاطر على صحة السكان واستدامة الموارد الطبيعية، من أبرز هذه الجرائم البيئية:
1/ حراقات النفط في سوريا: جحيم بيئي مستمر
تسببت الحراقات النفطية البدائية في شمال وشرق سوريا، خاصة في دير الزور والرقة، بانبعاث كميات كبيرة من الغازات السامة مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت، كما أدت تسربات المواد النفطية إلى تلوث التربة والمياه الجوفية، مما أدى إلى فقدان خصوبة الأراضي الزراعية وارتفاع معدلات الأمراض التنفسية والسرطانية، كما تسببت النيران الناتجة عن هذه الحراقات في تدمير الغطاء النباتي المحلي والتنوع البيولوجي.
2/ مكبات النفايات العشوائية: قنبلة بيئية موقوتة
انتشرت المكبات العشوائية قرب المناطق السكنية في سوريا، خاصة في إدلب وشمال حلب، مع انهيار أنظمة إدارة النفايات، وأدى حرق النفايات إلى انبعاث مواد سامة ، مما يزيد من خطر الأمراض المزمنة والمسرطنة، بالإضافة إلى ذلك، تسربت العصارات السامة الناتجة عن النفايات إلى المياه الجوفية، ما أدى إلى انتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا، وزاد من تكاثر القوارض والحشرات الناقلة للأمراض.
3/ تلوث التربة والمياه: أزمة زراعية وصحية
تسبب الحصار المستمر في غزة بانهيار أنظمة معالجة المياه، ما أجبر السكان على استخدام مصادر ملوثة غير صالحة للشرب، إلى جانب ذلك، أدى استخدام القنابل العنقودية والفوسفورية إلى تلف المحاصيل الزراعية وتدهور التربة، الأمر الذي فاقم من أزمة الغذاء، وأدى تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر الأبيض المتوسط إلى تلوث الحياة البحرية وتراجع الموارد السمكية، مما أثر سلباً على الصحة العامة، أما في سوريا واليمن، أدى القصف العشوائي والتسرب النفطي إلى تلوث التربة، وترك آثاره السلبية على الإنتاج الزراعي، وزاد من الأزمة الغذائية في هذه المناطق.
4/ التلوث في السودان: خطر على النيل والموارد الزراعية
أدى النزاع المسلح المستمر في السودان إلى تدمير واسع للبنية التحتية، ما تسبب في تلوث مياه نهر النيل نتيجة لتصريف المخلفات الصناعية والعسكرية غير المعالجة، وساهمت التسربات النفطية والتخلص غير السليم من النفايات الكيميائية بتلوث الأراضي الزراعية والمسطحات المائية، كما أدت الأنشطة العسكرية إلى ترك مخلفات خطرة مثل الألغام والمواد المتفجرة، ما أثر سلباً على التنوع البيئي والغطاء النباتي في المناطق المتضررة.
5/ إزالة الغابات وتدمير الموائل الطبيعية
لجأ السكان في سوريا واليمن والسودان إلى قطع الأشجار بشكل مكثف نتيجة نقص مصادر الطاقة، مما تسبب في فقدان مساحات شاسعة من الغابات، وأدى هذا الاستخدام المفرط للأشجار إلى تدمير الموائل الطبيعية وانقراض بعض الكائنات الحية، وهدد التنوع البيولوجي.
6/ النفايات الحربية والمخلفات السامة
تسبب انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة في المناطق الزراعية جعلها غير صالحة للاستخدام بزيادة خطر الإصابات والوفيات بين المدنيين، وخلفت الأسلحة المستخدمة خلال النزاعات مواد كيميائية سامة تسربت إلى التربة والمياه، مما ساهم في تدهور البيئة وصحة السكان على المدى البعيد.
الحلول والتوصيات
1/ معالجة التلوث وإدارة النفايات
تطبيق تقنيات التنظيف البيولوجي لمعالجة التلوث النفطي، وتحسين أنظمة إدارة النفايات وإغلاق المكبات العشوائية.
2/ إعادة التشجير وترميم البيئة
إطلاق حملات لإعادة التشجير في المناطق المتضررة، وتبني تقنيات الزراعة المستدامة لإصلاح الأراضي المتدهورة.
3/ التعاون الدولي
تعزيز التعاون مع المنظمات البيئية لتوفير الدعم المالي والتقني، وفرض معايير بيئية دولية صارمة في مناطق النزاع.
4/ التوعية والتعليم البيئي
نشر حملات توعوية حول أهمية الحفاظ على البيئة، وإشراك المجتمعات المحلية في مشاريع إعادة الإعمار البيئي.
وفي الختام، لا تترك الحروب كوارث إنسانية فحسب، بل تحمل في طياتها مآسي بيئية ذات آثار طويلة الأمد، كالتدهور البيئي الذي تشهده مناطق النزاع في سوريا وغزة والسودان واليمن، والذي يهدد الصحة العامة والاستدامة البيئية، ويكمن الحل في تبني استراتيجيات شاملة لإعادة تأهيل البيئة وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.